يومٌ كباقي الأيام

أستيقظ على قلق صباحي معتاد، أحاول تقدير الوقت قبل أن أنظر للساعة من الضوء في الغرفة وضجة الشارع. لا بد أن الوقت لا زال مبكرًا، أحاول أن أغمض عيني لعلّي أغفو بضع دقائق أخرى لكن لا أستطيع مع كل الأفكار في رأسي. أنظر لشاشة الهاتف، إنها السادسة صباحًا. يجب أن أكون في المكتب قبل الثامنة والنصف، أحاول حصر كل ما يجب أن أقوم به سريعًا، يفترض أن أمارس بعض الرياضة الصباحية، هذا عدا عن ترطيب بشرتي والعناية بشعري والاستحمام، أليست هذه تعليمات الاهتمام بالنفس من أجل حياة أفضل؟ يفترض أن أقود سيارتي إلى مكان عملي بهدوء أيضًا وقبل ذلك  يجب أن أحضر فطورًا صحيًا من أجل نهار أفضل؟ أمسك هاتفي، أتذكر أنه يجب أن أستبدل ذلك بخمس دقائق من التأمل أيضًا ولكنني لا قدرة لي على ذلك ولا على النهوض من سريري، أفتح الفايسبوك لأقرأ آخر الأخبار وأشاهد بعض التفاهات. أسحب نفسي من السرير رغم التعب، أتذكر أنني نمت عند الثانية عشرة والنصف، بعد منتصف الليل، أقل من ست ساعات إذًا، أتذكر أيضًا التعليمات بالحصول على ثمانية ساعات من النوم كل يوم وأسأل نفسي من أين سآتي بالساعات الإضافية؟ وحتى إن وجدتها،سيبقى  القلق يوقظني باكرًا؟ أو ربما هو النظام واضطراري للالتزام بالدوام؟ أفكر ماذا سأرتدي اليوم بينما أنظف أسناني، وأحاول احتساب ما تبقى من الوقت وأساوم نفسي على ما سأستطيع إنجازه من مهام، وما سأؤجله أو أتخلى عنه لصباح آخر. يجب أن أستحم وأرتدي ثيابي، لا مناص من ذلك، لا داعي للفطور، فنجان قهوة سريع أحمله معي لأشربه في السيارة وأنا في طريقي إلى المكتب، وأتجاهل الدراسات التي أقنعتني  أن بشرتي بحاجة للترطيب، لا بد أنها مدفوعة من شركات تصنيع الكريمات. رغم ذلك، سأصل متأخرة إلى المكتب، لا محالة. أتذكر وأنا أقفل باب المنزل أن هناك ثيابًا على المنشر كان يجب أن أجمعها، سأفعل ذلك في المساء عندما أعود. أشعر بالجوع ما ان أصل إلى المكتب، أتناول سريعًا لوحًا من الشوكولا وأفكر أنه يجب أن أتذكر لاحقًا أن أشتري بعض التفاح والموز، لتناولها بدل الشوكولا والفطور المفترض. يمرّ النهار وأنا أحاول حصر ما يجب أن أنجزه من عمل هنا ورأسي لا يمل من التفكير في الخلفية بكل الأشياء الأخرى التي يجب أن أقوم بها والأشياء التي أرغب بالقيام بها والمساومة بينها. نهاية الدوام، أقود سيارتي مجددًا، أحاول أن أستغل هذا الوقت في الطريق لأستمتع بالقليل من الموسيقى. أنتبه أن خزان الوقود فارغ ويجب ان أمرّ بمحطة بنزين، ثم وأنا أدفع للعامل في المحطة أنتبه أن محفظتي أصبحت فارغة، يجب أن أمرّ على صراف آلي لأسحب بعض المال. أصل إلى الحي ولكن القلق سيعود مع بدء رحلة البحث عن مكان لأركن سيارتي في هذه الأحياء من بيروت. في المنزل، أجلس على الكنبة كي أرتاح قليلًا، ليست راحة حقيقية، أتصفح الهاتف طوال نصف ساعة بينما رأسي يذكرني طوال الوقت بضرورة النهوض لجمع الغسيل وترتيبه ولوضع الغسيل الوسخ في الغسالة. أشكر التكنولوجيا على وجود الغسالة على الأقل، لكن ليس لدي جلاية أتوماتيكية، يجب أن أقوم بالجلي بنفسي. ترسل لي صديقتي رسالة على الواتساب، كان يجب أن نلتقي مساء الأحد وأجّلناها لليوم كالعادة، تخبرني أنها وصلت هي الأخرى إلى المنزل، ستطبخ للأولاد وتحمم ابنها الصغير وبعدها نخرج. أو ربما لا، إن كان التعب قد أكلنا بعد ساعتين، سنرى. أعرف معنى التعب، أعرفه ولا أعرف كيف أصفه. تعب الأيام، تعب الركض لإنهاء أمور عالقة لا تنتهي وتواصل التكاثر، تعب القلق الدائم وتعب التفكير في الإنهيار الآتي. ليس عندي أولاد، مسؤولة عن نفسي أنا فقط ولا أجد وقتًا لنفسي، كيف بالأمهات؟ كيف بالأمهات العاملات؟  لا زال هناك ساعات عديدة قبل وقت النوم، أستطيع أن أستغلها لأقوم بشيء مسلٍ، أريد أن أكمل قراءة كتاب بدأته صباح الأحد لكن دماغي غير قادر على التركيز في الأفكار. يهاتفني صديقي، الذي يسكن في الحي نفسه، يقول لي تعالي نتعشى سويًا، ربما نحضر شيئًا سريعًا أو نطلب شيئًا من مطعم قريب. نأكل، تنخفض طاقتي أكثر؛ ماذا باستطاعتنا ان نفعل الآن؟ نشاهد برامج مملة على التلفاز؟ نخرج لنتمشى في الحي قليلًأ؟ نشرب الزهورات بينما نتحدث عن نهاراتنا المتكررة؟ يغفو صديقي على الكنبة قبل أن ينتهي المسلسل الذي لا نعرف شخصياته، أمشي إلى منزلي القريب، يجب أن أنشر الغسيل الذي وضعته سابقًا، أخلع ثيابي وأرميها على الكرسي في الغرفة بينما أفكر، سأرتبها في مكانها غدًا صباحًا، قبل الذهاب إلى العمل؟ أو ربما في نهاية الأسبوع. قبل النوم، لا بد أن أنظف أسناني سريعًا، أجلس في السرير أتغطى، أحمل الكتاب، أحاول إكماله حيث توقفت، ولكن سرعان ما أكتشف أنني غير قادرة على فهم جملة مما اقرأ فاستبدله بالهاتف مجددًا. أفكر في كل ما لم أستطع إكماله اليوم وما يجب أن أفعله غدًا. لم أستطع اليوم أن أنجز قليلًا من المادة التي سجلت فيها اونلاين، وأتذكر كيف لسنتين كنت أذهب إلى العمل من الثامنة والنصف حتى الرابعة والنصف ثم أنطلق لأحضر صفوف الماستر يوميًا من الخامسة حتى الثامنة، كيف فعلتها؟ أعيّر منبهًا مع أنني أعرف أن قلقي سيوقظني قبله. لم أشتر التفاح، هل يجب أن أضع منبهًا ليذكرني بذلك غدًا؟ لدي يومٌ واحد قبل أن تنتهي مهلة دفع ظبط السرعة، يجب أن أنهض من السرير باكرًا من اليوم فصاعدًا كي أتمكن من انجاز كل شيء والقيادة على مهل للوصول إلى العمل.  أتذكر أنه كان يجب علي تناول الفيتامينات التي وصفها لي الطبيب ولكن لا طاقة لي للنهوض من السرير مجددًا. سأفعل ذلك غدًا، قبل النوم. 

1 Comment

  1. احدهم dňa 06/03/2020 o 12:35 م

    نسخة معدلة عن نهاري..
    الروتين قاتل و الهواتف ملل لا بد منه..

أترك تعليق