حزنٌ أليف

تلك الدموع العالقة في حنجرتي تكاد تخنقني، أشعر بالبكاء يأتي إلي، كنت أعتقد أن دموعنا تسكن في العيون ولم أعرف أن البكاء يجتاح الجسد كله ويتوقف هناك ويبقى عالقًا في تلك النقطة أسفل الحلق. يرافقني ساعات ٍ وأيامًا كأنه يرفض التخلي عني. لا أنسى في أيامي تلك أن أفرح، أفرح بأخبار صغيرة، بالموسيقى، بالحب القادم وبسخافات أيامي المتلاحقة. وفي فرحي تلازمني غصة الدموع، أعتادها، أتآلف معها ولكن إذا في لحظة غمرتني مشاعري الأخرى ونسيتها تشدّ على عنقي لتذكرني أنها هنا وأنها لا تريد مفارقتي. هل جاءت لتسكن مكانكِ في حياتي؟ وأنا الذي كنت أقول دائمًا أن لا أحد يملأ مكان أحد، هل يمكن أن استبدلكِ بدموع عالقة؟
الحلم، نافذة على الحقيقة، حقيقتنا. نراها ترسل ضوءًا ولا نستطيع، في أغلب الأحيان، فتحها. أستيقظ كل صباح وأشعر بأحلامي وكأني أحملها في صدري، في مكان ما في رأسي، لا أذكر تفاصيلها ولكنها تشعرني بثقل ما.
تلاحقني الكلمات، تنهال على رأسي، بينما أقود السيارة أو أكنس المنزل؛ أقول لنفسي سأكتبها لاحقًا ولكن ذاكرتي خائنة. لم أعتد أن أكنس بعدْ، أشعر أنها- مع الدموع العالقة – مهمةٌ صعبة.
أعترف الآن أنني ربما كنت ذكوريًا بعض الشيء، أنا الذي كنت ومازلت أدّعي النسوية. ها أنا أجد وقتًا لمهام المنزل كنت دائمًا أدعي أني لا أملكه، وأتكّل عليك.
أفكر: غدًا سأعمل بشكل أفضل، بعد غدٍ سأبحث عن حب جديد، والثلثاء القادم سيكون يومًا لعناق الغيم والموج.
اللحظات الصعبة هي تلك التي أشعر فيها أنني أريد أن أشارككِ شيئًا؛ فكرة مرّت ببالي، أغنية سمعتها، جملة قرأتها وأحببتها، طعامًا تذوقته. أنتِ أول من يخطر لي أن أقول لها أنظري إلى ما أشاهده أو استمعي معي أو أتعرفين بما أشعر؟
أسمع هاتفي يرن، وصلتني عدة رسائل، أتمنى أن تكون منكِ. أترك المكنسة، أجلس على الكنبة وأفتح الهاتف على مهل، أريد أن آخذ وقتًا أكثر قبل أن أفتحها فأنا أعرف أنك لن ترسلي لي شيئًا. الفايسبوك بالمقابل يشاركني شوقي، يستعيد ذكريات لنا قبل عامين، بريق ابتسامتك في الصورة يذكّرني بالدموع مجددًا.
كيف لكِ أن تعرفي كم انتظرت رسائلك؟ كم مضى من الوقت وأنا أنظر الى هاتفي بإنتظار أن أرى شيئًا منك؟ الإنتظار موجع أكثر من الغياب.
ألإحباط الذي أشعر به لا يمكن تفسيره، أنا مرتاح لغيابك، عدت لأكتشف امورًا كثيرة وحيدًا ولكن يبدو أن ما تبقى مني لا يوافقني. جسدي يعاندني وكذلك ذاكرتي؛ تذكرك أنت فقط وليس ما يجب أن أشتريه من السوبرماركت لتحضير العشاء. تذكر لحظاتك الجميلة، لا كل تلك الأوقات المتعبة في حضورك.
حزني يشبهُ نجمةَ مضيئةً تُرِكت وحيدة في ليلة صيف طويلة.

أترك تعليق